الخميس , أبريل 25 2024

(( فنجــان نصف ممتلىء ))

 

 

مقهى ( بتيل ) / مردف سيتي سنتر

 

 

 

 

كان المقهى يضج بأصناف البشر
منهم من انشغل بقراءة جريدة

 

ومنهم من اتخذ ركنا
يتبادل الحديث مع صديقه

 

لم يكن ثمة مكان شاغر لي
سوى طاولة صغيرة

 

بجانبها طاولة اخرى
ضمت فتاة جميلة
الحياء منعني من أن أجاورها الجلوس
كونها أنثى غريبة

 

شعرت بحيرتي أمام هذه المعطلة الكبيرة
وإصراري على الجلوس بأي طريقة

 

فبادرتني قائلة :-
اجلس سيدي ليس بالأمر مايدعوا لهذه الحيرة

 

أهديتها نصف ابتسامة قبل أن اسحب الكرسي
وألقي على الطاولة حقيبة

 

قائلا لها :-
شكرا آنستي أنت إنسانة لطيفة

 

لم تهتم لأمري كثيرا
فمضت بتقليب السكر في فنجانها
قبل أن تضيف حبة أخرى فيه
عكست لي مرارة حياتها المريبة

 

حضر النادل لتلبية طلبي المتمثل في قهوة عربية
وقنينة ماء باردة جدا

 

فتحت حقيبتي التي ضم جهاز لاب توب
ودفترا وقلما

أخرجت الدفتر والقلم

ومضيت في قراءة حروف كتبتها في ساعة ألم

قبل أن افتح صفحة جديدة
ربما لأني أريد أن اكتب شي جديد دون ألم

 

بادرتني قائلة :-
هل تجيد الكتابة أم الرسم؟

 

قلت لها :-

هم سيان
فالكاتب يعبر بحروفه والرسام بالرسم

 

قالت :-
كنت اكتب فيما مضى من حياتي
لكني وجدت أن الأمر لا يستحق فشعرت بالندم

 

:- هذا لأنك تكتبين لغيرك أما أنا فأكتب لنفسي

مثلك أنا أرى أن لا احد يستحق نزف القلم

 

:هل تسمح لي بقراءة دفترك؟

 

:- خذي اقرئي لكن لا تسألين عن حروفي التي ستحيرك

 

ناولتها الدفتر ومضيت لمكاني
اشرب قهوتي من فنجاني
التي أحرقت سهوا لساني
لا بأس
يحدث هذا في كثيرا من الأحيان

 

دقائق طويلة مضت
دون أن يكون هناك كلام بيننا
والناس في صخب حولنا
وفناجين القهوة تلعب في عقولنا

 

كسرت الصمت قائلة :-
أرى بأنك كاتب ماهر
وتجيد بعثرة المشاعر
عاشق أنت سيدي لتصبح شاعر

 

أجبتها بحياء وتواضع :-
الألم ينولد من رحم المعاناة
ما كتبته في دفتري حبا عجزت أن أنساه
أو أن أتلاشى بلواه

 

:- لي طلب عندك؟

 

:- هاتي أسمعك

 

:- أريد دفترك؟

 

:- أسراري كلها فيه كيف أمنك ؟

 

:- أذن لما اعطيتنيه لأقرأه ؟

 

:- لتقرئيه لا تملكيه

 

:- ما الفرق في كلا الأحوال عرفت ما فيه

 

:- أن تعرفي الشيء ليس معناه أن تملكيه

 

:- نرجسي أنت

 

:- جريئة أنت

 

:- من سرابيل هذه التي عنها تكتب ؟ حبيبتك التي تحب ؟

 

:- أنا لا أحب احد هذه مجرد أسطورة عشقي التي تمثل دور البطولة في كل قصصي

 

:- أنت تكذب

 

:- إياك أن تنعتيني بالكذب مرة أخرى سأغضب

 

:- تستعرض رجولتك أمامي

 

:- لا لكني لا اكذب في كلامي

 

:- تبدو لي صغيرا ليكون لك هذا الكم الهائل من الأحزان

 

:- ليس هناك علاقة حقيقية بين الأحزان و عمر الإنسان

 

:- سأحكي لك قصتي وأريدك أن تكتبها

 

:- لست عنكبوت وقصتك خيوط لأنسجها

 

:- لا يبدو على محياك العناد

 

:- و ما أدراك أنت بطبع العباد؟

 

:- اكتب قصتي وسأدفع لك مالا كثير

 

:- لست مرتزقا لأخوض لأجل عينيك معمعة حياتك
وإحساسك المثير

 

:- أنت تحتاج لأنثى مثلي صدقني
فإحساسك يجب أن يتجدد لتنسى ماضيك الكبير

 

:- لست ساذجا لأسقط في الحب مرتين يكفي ما حدث لي

 

:- سأنسيك ماضيك وكل أنثى قبلي

 

:- ومن قال بأني أريد أن أنسى ؟

 

:- أنت قلت هذا قبل قليل كيف بهذه السهولة تنسى ؟

 

:- اسمعي لا تحاولي أن تقتربي مني أكثر

 

:- أظننني سأفعل

 

:- سأرحل

 

:- افعل 

 

:- سأفعل

 

دقائق طويلة
وأنا في حيرة كبيرة
و هي تنظر إلي بنظرات ساحرة مثيرة

 

قبل أن تقول :-
لما لم ترحل؟

 

:- لا اعرف ربما أشفق عليك من أن أفعل

 

:- لا سيدي أنت معجب بي مثلما أنا بك معجبة اقترب أكثر ودع عنادك يذبل

 

:- أخشى أن تكوني مثل غيرك
أن تجعليني شاعرك
اصدح بالقصيد لأجلك
وأتوجك أميرة وأنا فارسك
ثم حين تشبعين مني تنفثيني من صدرك

 

:- مجنونة إن فعلت أنت فارسي الذي طالما عنه بحثت

 

ترددت كثيرا
قبل أن أقوم من مكاني
حيث طاولة عليها أنثى حركت وجداني
وبعثرت كياني

 

تاركا فنجاني
نصف ممتلئ يبرد بهدوء
ودفتري الذي يحتوي على الماضي الذي كان عنواني

 

 

لا تستغربوا

لست أول من ترك ماضيه خلف ظهره

أليس الحاضر يحل محله ؟؟

 

 

 

 

 

(( الملك ))