الخميس , أبريل 25 2024

(( تائهـة في المـدينـة ))

 

كأنها مشردة بين الأزقة والبيوت
وبين الطرقات المبتلة برذاذ المطر
والرياح تعصف تحني هامات الشجر
وهي واقفة خارج المقهى
تنتظر
وتنتظر

 

تتدثر بمعطفها الثقيل تحمي نفسها من برد الشتاء
ورياح وهواء
هواء يكاد يكشف عن مفاتن جسدها
فتسارع لمسك ذاك الشال
ليغطي نحرها

 

يا ترى من تكون هذه التي أعياها الانتظار
لتقف تحت العواصف والامطار

 

لم يلفت انتباهي غيرها
كثيرين هم من حولها
لكن تبقى هي أجمل الجميلات وتشهد على ذلك عينها
لكني لا أهتم بها او بغيرها

:- ابتعدي عن الباب

:- أنت وقح من الذوق ان تقول لطفا على الاقل

:- يبدو أنك لا تعرفيني

:- لا أظنك حاكم البلاد

:- هه ..بل أكثر

:- مغرور

:- متعجرفة .. أظنك غريبة ؟!

:- صحيح .. وسوء حظي أن اكتشف اخلاق هذه المدينة فيك

:- ليس هناك أحد مثلي

:- أحقا !!؟؟ يا للحظي اذ كيف ألتقي بالنادر منهم

 

يبتسم

:- ابتعدي دعيني امر

تبتعد

يمر

ثم يقف
يلتفت إليها

:- بالمناسبة .. أحب هذا العطر النسائي شممته يوما على صدر أنثى

:- جريء وقح ولما تقول لي هذا الكلام ؟

:- مجرد مديح لعطرك

:- لم اطلب منك هذا !

:- هل تنتظرين أحد

:- نعم

:- من ؟

:- وما شأنك أنت ؟

:- لأني أعرف الجميع هنا

:- اها … سنرى اذن اذا كنت تعرف صديقتي

 

فجأة

تأتي فتاة لا تقل عنها فتنة وجمال

تسلم عليها
تلتـفت إلي

 

:- اوه سيدي الملك .. تشرفت أن ألقاك لم اعتد ان أراك في هذا المقهى

يناظر بسخرية تلك الفتاة التي تقف بجابنها

ثم يقول :- هو حب التغير لا أكثر

يلتفت إليها :- ألم اقل لك

 

يدير وجه إليهم ويذهب يتخذ طاولة في ركن من اركان المقهى

صديقتها : ماذا يقصد بقوله ألم اقل لك ؟؟

هي :- لم أرى في حياتي رجل مغرور كهذا ! من أين تعرفينه ؟

صديقتها :- هذا الملك معروف هنا لكنك غريبة ولا تعرفينه ما الذي حدث بينكم ؟

هي :- لا شيء انسي الامر

صديقتها : فليكن

 

تجلسان على طاولة في مواجهة الملك

 

بالعمد جلست لتقابله مباشرة
وتسترق النظر إليه خلســـة

كان كل برود أهل الارض في وجه
صقيع وثلوج !! بل أكثر بكثير

:- مالك شاردة ؟

:- ها .. من أنا ؟؟


:- نعم أنت منذ أن جلسنا وأنت ساكته وهذا ليس من طبعك

:- لا شيء .. لكني لم أرى في حياتي رجل مثل هذا !
لقد قهرني بأسلوبه وغروره
أقسم سأنال منه في يوم وأرد له هذا القهر بأكثر منه
سأغرر بقلبه بأسم الحب لن يستطيع مقاومتي
يبقى رجل كباقي الرجال

:- ويحك .. ماذا دهاك ؟ ابتعدي عنه هذا أكثر أهل الارض غرورا وعنجهية

:- لن افعل وسأذهب له الان

:- ويحك انتظري

 

 

تقوم ثم تنطلق الى حتفها

تصل الى حدود طاولته

تتردد
ثم
تتشجع
تتقدم
أكثر
اكثر

 

فجأة

يقول لها :- هكذا إذن لم تستطعي مقاومتي وها قد أتيتي ؟

:- هل .. هل .. هل تسمح لي أن اجلس معك قليلا ؟

:- اوه .. يبدو أن الامر جلل ! حسنا اجلسي

 

تجلس

يشير إلى صدرها

:- ماذا ؟؟

:- ازرار قميصك مفتوحة يبدو أنها لم تتحمل الضغط الواقع عليها

 

تناظره بدهشة غريبة وغيظ كظيم

يستدرك الامر ويقول

:- هكذا علمونا في المدرسة في مادة الفيزياء أن الضغط يولد الأنفجار

تغلق أزرار قميصها بسرعة

وتستر ما بقى منه بوشاحها الاحمر

 

تناظر عينيه ويديه المكسوة بالشعر الناعــم
التي تقلب السكر في كوب من الشاي الاخضر المحلى بالنعناع

 

 يفاجائها:

أتغارين من السكر ! فلديك أحلى من السكر
رحيق شفتيك يثمل المرء منه ويسكر
وعيناك تأتلق بضياء نجوم وعلى ضفاف جفونك الجمال يتبختر
وخديك مرآة على صفحته كل الالوان تتكسر
و …

 

:- ويحك يكفي ! ماهذا الذي تقوله ؟
لا تعرفني لتعزف على أوتار أنوثتي الخجولة !
ولا أنت حبيبا قد نال شيء مما تقوله !

 

:- وهل يستطيع أحد أن يرى جمالك ويتجاهل فصوله؟

 

:- لكنك قبل قليل عاملتني بإحتقار
وجعلتني أغضب وأشعلت في صدري نار
تجاهلت عند الباب كل ما ذكرته وصفا ! أني اطالبك بإعتذار

 

:- أعتذار ؟؟!!
هل صارت عذبة مياه البحار ؟
لتطالبي الملك بإعتذار

 

:- غرورك هذا سيهلكك أيها الجبار

 

:- قد أهلكك قبلي فأيتي إلي تطلبيني بإلحاح وإصرار

 

:- أحبك .. ليس بيدي الاختيار

 

:- كلمة تقال ويمحوها ضوء النهار

 

:- لكني بحق أحببتك دون شعور
اشعر بأنك رجلي الذي اعياني لأجله الأنتظار

 

:- اسمعي يا صغيرتي أنت تائهة في هذه المدينة
فلا أريدك أن تتوهي أكثر في مدائن عشقي
لن تتحملي جنون أمري
ولا سطوة حبي

أنا من طقوس الحب قد اعنلت توبتي
ومن جنون العشق قد آثرت هيبتي

ابحثي عن سواي في الحياة فلست رجلك ولا أنت غاية منيتي

 

يقوم

 

يتركها وحيدة

مذهولة بليــدة

 يلتفت إليها ويقول :

حسابكم مدفوع
كلاكما

يختفي

وتبقى هي وحيدة

على طاولة

كان يجلس عليها شبح رجل

صفعها صفعة

لا تنساها

تاهت منها حروفها
وفكرها وعقلها

ومن قبل هي كانت تائهة في مدينة

 

 

 

 

 

 

(( المـلك ))